السبت، 16 فبراير 2008

رحيل الإسفنجة إلى الجديدة

بعد أن استحلت الى اسفنجه تمتص رماد العابرين فى حياتي و فيضان اكاذيبهم و سيول الحمق فى لغة الحياه بيننا جميعا فى هذا الكون الضيق بما رحب على المستكينين فيه قررت قرارا اخاذا مترعا بالتمردسانفرد بلغتي فى ارض اخرى تكره استسلام الإسفنج .... سأحاول ردم الحدود و مداهمة اوكار الذكريات سأعتقل جميع الايام الفائته و سأبقى بين تلال الاحتمال و ما قد يكون و ما قد يرحل و لا يعود ... سأستوطن بين ذرات الهواء و خلف أوراق البنفسج أتوكأ على أحلامي و أمضي في طرق أرسمها ببقايا ألوان الجليد و قطرات الأمل المعلق على جدران مدينتى و اوراق القرنفل المسكونه بأشعه شمس جديده من الزمن الذى طالما حلمت ان يسكننى رافضه هذا المحدق بي و ذاك المدبر عني ...

****سماء الجديده : تلك سماء مرسومه فى قلبي على شاكلة حمامه بيضاء تحط على كتفي فى كل صباح تطالبنى بقرص الشمس المعلق بين اهدابي توقظني من سبات مميت و تنفض عن ذكرياتى بقايا ما كان دوما عالقا ً فى احلامي الإسفنجيه الصامته .... تأخذني معها إلى طبقات اخرى من الممكن و اللاممكن و مصادفات مغزولة بخيوط الروعه النائمه في عيني طفل صغير تائه في مدينة كمدينتي الإسفنجيه إخترته أنا بمحض إرادتي و شهدت على عهدنا سماء الجديده ليصحبني معه فى حلمه الناعس الوسٍن ...

****إسمي فى الجديده : طالبني رفيقي المختار بمحض ارادتي ان ابدل اسمي كى احرر لغتي المنطوقه من كل حروف القديم الراسبه في بطاقتي الوجوديه و ان اختار إسم غمامي مثل إسمه الرافض الإفصاح عنه .. خيرني ما بين إثنين لا ثالث لهما و تركني فى بحر الإختيار الدائمة الغرق فيه و لكنه وعدني حين تبادر أمواجه فى مهاجمتي أن يلقي إلي بأول أحرف هذا الإسم و لنترك الاخر لتبتلعه الامواج .


****على حدود الجديده: وصلت انا و الرفيق إلى حدود الجديده ترافقنا لغتي نائمه في احضاني بين ظلال الأنامل كلما شرعنا في الحديث أخفض الصوت لكي لا تستيقظ من غفوتها الصامته و تدون شيئاً لا أرغب في الإحتفاظ به فى الذاكره و لتبقى صامتة بعض الوقت حتى بلوغ مراسي الجديده و يغفو الزورق المجهد على مرسى أقل صخبا ً....


****مناوشه : طوال الرحله كان شعور غامض يستولي على بهجة الرحيل المناوشة لصمتي الإسفنجي شئ ما يوشوشني انى لا محاله عائدة إلى مدينتي التي تغمرني بالأوهام و تستغل طبيعتي الإسفنجيه فتحملنى فى كل يوم بالمزيد و المزيد من إرتكابات الغير .... فيعلو النبض بين حناياي الصامته و يصرخ في َّ لا تعودي....


****عائدة إليها : و حين وصلت الى الجديده شعرت بأن خلاياي الإسفنجيه بدأت في اليباس ووهنت عروق الروح في ِّ و بدأت أحتضر بفتور و اتلمس برودة الكفين و إعياء اللغه فإنتفضت كعصفور بلله المطر و هو غافي بين أحضان المساء و غافلتني لغتي و دونت السطر الأخير في ذاكره الرحله – و عدت إلى ظل مدينتي الإسفنجيه -

الأحد، 3 فبراير 2008

مسافر إلى السماء

لطالما كانت صورة الجد المعلقة فوق جدار قاعة الاستقبال في بيت العائلة مثار اهتمام (يحيى) الصغير ، حيث كان يستفزه الشريط الأسود على حافتها اليسرى فيزيد من الأسئلة و يلح في طلب الإجابة ، و حين يأتيه جواب جدته المسنة : حبيبي .. سافر جدك إلى السماء ..يتعجب و يزيد فضوله في معرفة كيف السبيل يكون إلى السماء !! فتكتفي الجدة بدمعة ساخنةيستمر مذاقها المالح تذكارا ً فوق شفتيها ، حينها يكف عن تكرار السؤال و يتجه إلى أمه ليعيد السؤال عليها فتجيب بابتسامة زائفة : حين يهرم الإنسان يسافر إلى السماء ، ظل السؤال عالقاً في ذهنه إلى أن جاء يوم ، و آنست صورة أبيه صورة الجد على الجدار مكللة بشريط أسود مما جعل الصغير يزداد حيرة حين سأل والدته عن سر الشريط الأسود فوق صورة والده و كان الجواب مستعارا ً من جواب الجدة التقليدي: حبيبي .. سافر أباك إلى السماء ..لم يكن الجواب كافيا ً تلك المرة فكيف ذهب الأب إلى السماء دون أن يهرم ؟!، ظل السؤال حائراً فوق شفتيه و النساء المتشحات بالسواد يملأن البيت على مدى ثلاثة أيام متتالية يترحمون و يبكون ، حتى جاء اليوم الرابع و قد عقد الصغير العزم على سؤال أمه من جديد : كيف سافر بابا إلى السماء قبل أن يهرم ؟،اكتفت الأم بدموعها كرد تلقائي بينما ظل حائرا ً قلقا ً من سؤال بلا إجابة ،خاف الصغير من السماء التي خطفت أباه و جده إلى أن لاحظت جدته أنه يتحاشى النظر إلى السماء ، فدخلت إلى غرفته و فتحت باب الشرفة و تمددت على الأرض و طلبت منه أن يجاورها فاقترب متحاشيا ً النظر إلى ضوء السماء القادم عبر الشرفة إلا أنه نام إلى جوارها متفاديا ً مساحات الضوء المنعكسة على أرض غرفته ، داعبت خصلات شعره و بدأت في سرد أحاديث الفردوس و حكايات النعيم و متعة السفر إلى السماء،و كيف سعد جده حين علم باقتراب صعوده إلى السماء و كذلك أباه حين باغتته الدعوة للسفر عبر السماء و هو عائد من رحلة عمله ،اطمأن بعض الشيء و بدأ يقترب و يتلمس الضوء المنعكس و يرفع عينيه إلى السماء فباغتها بسؤاله : و كيف تلقوا تلك الدعوة ؟صمتت قليلا ً ثم أجابت بصوتها المتهدج الرخيم : كلنا سنسافر إلى السماء في يوم ما .تابع سؤاله بآخر : متى سأسافر ؟، تسللت دموعها في تلك اللحظة فانزعج الصغير و راح يمسح الدموع عن وجهها المضيء إلا أن الدموع توقفت فجأة و بردت جبهتها على نحو ملحوظ فناداها الصغير و لم تجب كرر النداء و لا إجابة .. جاءت أمه على صوت صراخه و اكتشفت أن الجدة سافرت هي الأخرى إلى السماء !، في اليوم التالي كانت صورة الجدة تتوسط الصورتين و الشريط الأسود يتكرر للمرة الثالثة في حياة الصغير،مضى نحو عام و الصغير حريص على تلميع زجاج البراويز و تنظيف الأشرطة السوداء و الحديث إلى الصور إلى أن لاحظت أمه ذات يوم صورته إلى جوار الصور و عليها شريط أسود فانزعجت و صرخت : من فعل هذا بصورة (يحيى) ..و بدأت في البكاء إلى أن جاءها صوته الصغير مجيبا ً : أنا من فعلها ،و حين استفهمت عن السبب أجابها بصوت خفيض مرتعش لا يخلو من الألم : سأسافر غدا ً إلى السماء .. اشتقت إليهم فهل تتبعيني ؟؟بكت الأم بحرقة و رفضت أن ينام بعيدا ً عنها في تلك الليلة ، احتضنته و ضمته إلى صدرها إلى أن أشرق النهار و داعب ضوء الشمس وجهها عبر النافذة ، هزت رأسه الصغير بحنو بالغ إلا أنه لم يجبها ، لقد سافر بالفعل إلى السماء !!!

مسافة




حشد من النمل
و رأسي فوق الجسر المائل
استند على شرر الماء
يحترق الشهد
يشتعل المدى
يزدحم المكان بالأصفر القاني
انتظر... فانتصر
على لدغات مستترة
يحك جلدي اظفر سادس
من شمس و مطر و انتحاب
من طفل راح يلهو في السديم
و في السراب
و بالتراب
مدن زجاجية الغمام
تظلل مدينتي الوهمية
الهلامية
الثلجية
الأرجوانية
ابحث منذ صباح الأمس
عن كوخ خشبي
يسع صغار البوم
و يتسع لمزيد
من أيتامها
سأقتلها إذا ما عاودت
صفق جناحيها بمقدمة أفكاري
لأنتهي بقصيدة بكاء
أو قصة مبتورة إلي شطرين
لرجل مقسوم إلى نصفين
و وجهين
و قلبين
لو تأتي كل عناصر دمي
و تسفحه و تسفحني
و تترجم كل خلاياه الراكضة نحوي
لو تبتلع الشمس بقايا البرد المتكلس
فوق عظامي
و تحت لساني
و بين الشفتين
سأنطلق بعيدا عن أرض الأفعى
و عن طاووس المهجر
و أقرر شطب استحقاقاتي
لدى الإنس
لدى الجان
لدى عفريت المحجر
سأعاود أحلام سكارى الحانة
في شرب مزيد من ماء البلح
و العنب
و التفاح
بعيدا عن فوحها الكحولي
نقية إلا من فاكهة تسعى للجنة...
تسقيني الماء الراكض فوق البحر
و الملح يشقق شدقي ّ
فأفيق على وقع الوجع
بين أصابع تسعى فوق بيانو بائعة الورد
ستعزف حتى يأتي صباح أزرق
يلهو خلف حدود الصيف
و بين فصول الدوران
لا يختار التوقيت الصيفي
و لا الشتوي
يكفيه الرمل النازل من ساعات الفرعون
و فرجار رجل الإحصاء الهندي
سيعود الديك يصيح على أطلال الفجر
و المئذنة تبشر بصلاة أخرى
فليتوضأ و يتابع سير القدم إلى المسجد
و ليترك كل الأوهام
كل الأحلام
كل الأهوال
و يسجد لإله واحد....

رجل رأى موته مرتين



لم ينتبه كثيرا لانفلات الساعة من معصمه إلا بعد أن أحدثت ضجة تليق بحجم أربع و عشرين ساعة محبوسة بين عقربين، داستها أقدام عدة بأحذية متفاوتة الحجم و اللون و الوقع على الأرض لم يعبأ لاتساخها.. لتحطمها... لضياعها لم يعبأ إلا بعدد الأقدام التي لا تبصر ما تحتها عدد الرؤوس المشرئبة تتابع طابور من الشحاذين الصغار يعبر الطريق مستندة أذرعهم إلى أكتاف بعضهم فيما يشبه القطار المتماوج محدثين صفيرا ً كأجهزة الإنذار العتيقة تخترق بنيانهم قطط ضالة، قطعوا الشارع جيئة و ذهاب ألف مرة و الساعة مازالت تتهشم تحت أقدام المارة و صفيرهم يزداد علوا ً و تكرارا ً و الرؤوس تتابع المشهد، يبدأ نفير محطة القطار لتتوقف الحركة تماما منتظرة قدوم القطار يتجمد المشهد برمته صفير الشحاذين.. خطوات المارة....و كأنما على رؤوسهم الطير، أي طير هذا يصمد أمام الريح الذي يحمله القطار حين توحش و اجتاز المسافة ما بين الرصيفين و اجتاز جسده نعم اجتازه تماما ً و عبره بخطوتين!
بدأ المشهد يتحرك تدريجيا ما بين الهابطين من القطار و منتظريهم و الأكف تلوح و الساعة مازالت تتكسر تحت الأقدام و هو لم يبرح مكانه إلى جوارها، تفرق قطار الشحاذين ليتسابقوا في مد أيديهم العارية للمسافرين و العائدين بأتربة الطريق و اتساخ الغربة و رائحة الطعام المعبأ بالحقائب و زجاجات المشروبات الغازية المبتلة في أدل الباعة الجائلين و قبلات الاستقبال و التوديع، و هو يراقب الساعة و قد تلاشت ملامحها تقريبا..
وسط هذا الزحام تأكد أنه غير مرئي تجتازه كل الأجساد تعبره كغبار تخترقه كوهم برز فجأة، تذكر عجلات القطار حين داسته من قبل تذكر الساعة ذاتها حين انحنى يلتقطها من فوق القضبان الميتة على الأرض تذكر ميتته الأولى نعم هو مات من قبل مات هنا و تحت تلك القضبان و في مثل تلك الأثناء، لم يفكر في التقاط الساعة مرة أخرى،
الساعة كانت هديتها الأولى له و كان موعده معها على شريط المحطة، تكرر الأيام نفسها كما تتكرر هي الآن ، ها هي فتاته تنزل من القطار و تقبل بثوبها الأبيض مبتسمة بادلها الابتسامة حاول تحريك أقدامه والركض إليها... فشل و كأنما مغناطيس شده إلى الأرض...لكن فتى آخر كان يركض نحوها صافحها ... تأبط ذراعها و سار معها... صدمته المفاجأة كعجلات القطار .. تهاوى... مات من جديد، موتا ً مدهشا ً لرجل رأى موته مرتين

اتخنقت


اتخنقت ...

من كل أوضه في قلبي بتفتح عينيها

تفتح لصبح جديد شباك عليها

تدخل عصافير الشتا

و توزع الخبر الحزين

تخفي ملامح حزنها و الجوع بيكوي قلبها

تشرب القهوة اللي باتت فى الفناجين

الكتير فوق الكراسي ..

فوق الشبابيك اللى نامت

بين ايدين الدجالين

عمرك الليله اتقرى

هتروح في سكة مش طويله .. قصيره

تركب الخيل المسافر بين عينيها

تخطفك تقطف ورودك

تزرع الشوك اللي نابت بين خدودك

بستان حرير

أرقام كتير تاهت ما بين حلمك و تحقيق المصير

تركب طموحك يهلكك

تركب خسارتك تملكك

تركب حمول الدنيا فوق ضهرك تهدك ..

تحني خطوة بين قلبك و بين حلمك

تطول السما في لحظتين

تنزل على الأرض في أقل من الدقيقه

و تقول تاني اتخنقت..

.من قلبي و من أوضه اللي ضاقت على الحزن اللي ساكن أرضها

فوق الحيطان اللى دبل لونهاو شرخها الزمن

وقعت على الحلم اتكسر

دابت حدود الوحده فيها

عملت البيت الكبير

اللي سكنت الليلة فيه و غنيت "اتخنقت ".